التشابه بين روحين

[center]التشابه بين روحيـن





قد تلتقي بإنسان لأول مرة في حياتك

وبعد دقائق معدودة تشـعـر أنك عرفته العمر كله

وقد تعيش طول حياتك مع إنسان في بيت واحد ثم تكتشف

للأسف بعد سنوات طويلة أنك لا تعرفه أبدا ..!!





الإنسان الـغـريب ليس هو الإنسان الذي لم تقابله من قبل

إنما هو الإنسان الذي قابلته ولم تعرفه وتحدثت معه ولم تفهمه

وعشت معه فازددت به جهــلا !!

والزمن لا يحل ألـغـاز البشر ولا يكشف سرهم ، ربما يزيدهم

تـعـقيداً وغموضاً وإبهاماً ،،





قد ترى إنسان تختلف عنه في كل شيء وبعد دقائق من اللقاء

تذوب كل هذه الفوارق وتـخـتفي ،, وتحس أنك تقرب منه

ويقرب منك فكراً أو مسافة أو شعوراً وفهماً ،،





تسـمـع الكلمة قبل أن ينطق بها ..! تضحك للنكتة قبل أن يقولهـــا ..!

تقتنع بالرأي قبل أن يشرحه ..!

ثم لا تصدق عينيك أن هذا أول لقاء بينكما

لا يمكن ..!!

لقد رأيت هذا الإنسان في عالم قبل هذا الـعـالم

فـالأرواح تتصافح قبل الأيدي والـعـيون




وفعلا يا جماعه الارواح بتتصافح وانا اشهد بكدا

رأيتهم ثم عرفتهم ثم خالطتهم ثم قاربتهم فاذا بقلبي يصدع بحبهم في أرجاء جسدي, ما ناسبتهم و ما ناسبوني و لا أردت منهم مالا ولا هم أرادوا و لا جاها وصلت ولا هم وصلوا, فبأي حق يصدع القلب بحبهم و بأي شيء استحقوا هذا الحب؟
هل أرتمي على أحدهم أم تملكتني الشفقة بأحدهم أم هو الهوى فحسب؟ لا و الله ما أنا بذليل نفس حتى أرتمي على أحدهم و العزة ملأتني حتى لو شئت لأمرت قلبي أن يكون حجرا لصار ,و ما هم بصغار قوم حتى أشفق عليهم بل هم همم الرجال و حكمة العقلاء و قلب الصفاء, و ما انا بمن يحتنكني الشيطان و تركبني هواي حتى أتبعها كما تشاء و انا من روضتها باذن الرحمن...
إذا لم يكن لهذا و لا لذاك اذا لم؟
لم أبذل حبي لهم حتى لو طلبوا مني ما شاءوا لبذلت ما شاءوا لهم ؟ و مع ذلك أكون أسعد السعداء اذا لبيت طلبهم و مشيت في حاجتهم!!
بحثت كثيرا عن الاجابة فما وجدتها في درهم و لا دينار ,و لا جاه و لا سلطان, و لا نسب و لا أعراق, انما وجدتها في شعاع نور بدا لي...
بينما أنا أبحث في السهول و الوديان و الغابات و البحار و بعد ارهاق و بلوغ الجهد مني اذ بنور رأيته امام عيني فاقتربت لالتمس من هذا النور فاذا بكلام حكمة بها وجدت ضالتي و بها علمت جهلي و بها ازداد حبي و شعلتي في يدي وعزتي في نفسي, اذ النور فيه (( الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف)) حينها انقشعت الحجب فرأيت نورا آخر أقوى من الذي قبله فاذا به نور الرحمن الرحيم " انما المؤمنون اخوة" ازدادت دهشتي و ازدادت محبتي فاذا بنور أسطع قد قهر النورين السابقين فيه " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين , يا عباد لا خوف عليكم اليوم و لا أنتم تحزنون" و اذ بالدموع تقرع باب جفني و تسيل..
بعد أن علمت أن الارواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف علمت ان روحي و أرواحهم تآلفت حتى صارت روحا واحدة في اجساد متفرقة ,كل منها في مكان بعيد عن الآخر على الارض الا ان نفسنا واحد و همنا واحد و تفكيرنا واحد و محيانا واحد و مماتنا واحد..
نتنفس الايمان و همنا الاسلام و تفكيرنا الاحسان و محيانا لنيل الرضوان و مماتنا على ذاك الرضوان وعهدنا الشهادة ولقيا الرحمن, هكذا توحدت أرواحنا, لا بل قصدت هكذا هي روحنا..
اذا فرح أحدنا طار الآخر فرحا و سرورا و اذا تألم أحدنا بكى و أن الآخر المحزون و اذا حزن أحدنا أظلمت الدنيا بوجه الآخر المفجوع..
هكذا خلقنا الله لا نحيا الا ببعضنا ولا تقر اعيينا الا برؤية بعضنا , فاذا غاب أحدنا غابت أفئدتنا معه واضطرمت ألهبة الشوق وبكت العين ألما و لهفة , كيف لا و قد انشقت الروح و غاب جزء منها عنها, فهل تسعد الا بعودته؟ و هل تقر الا برؤيته؟ و هل تحترق الا بغيابه؟ ولا تستقر إلا باللحاق به ؟ بلى و الذي برءها..
علمت بعد بحثي عن السبب أني أحببتهم لله و في الله و مادمت أحببتهم في ذلك فلم و لن أجد حبا أعظم من هذا حتى أحبهم فيه فهو نور في الدنيا و منجاة في الآخرة..

فاعلموا يا عذالي أني و ان قسوت مرات و ان أسأت مرات و ان حزنت مرات فلأني أحبهم وأعيش بحبهم وأسعى للحاق بهم وأسأل الله أن يختم لي بما ختم لهم وأن يجمعني بهم تحت ضله يوم لا ضل إلا ضله .

لهذا أحب المجاهدين والشهداء ومن سلك مسلكهم وسار في دربهم, ولهذا أدافع عنهم .

فهل بعد هذا يلومني لائم ويعذلني عاذل ؟...